بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و خاتم النبيين و بعد :
نحن في فصل الصيف ، فصل تكثر فيه أفراح الزفاف ، تخطب العروس في الغالب في الشتاء و يدخل بها
في الصيف ، فنرى العروس تجهز نفسها من كل شيء فتكلف والدها فوق الطاقة ليوفر لها كل ما تتمناه ،
أحلى الثياب و أغلاها ، و أغلى الحلي و أعزها ، و أفخر الافرشة و أحسنها ، و عندما يقرب العرس تهيء ما
تهيء من حلويات و مأكولات ، ثم تقام الولائم و يعزم عليها الأحباب و الأصدقاء و الجيران ، يفرحون و
يمرحون و يزفون العروس لزوجها ، و بعد انتهاء كل هذا تجد نفسها أمام واقع لم تتخيله ، أمام حقيقة لم
يطلعها عليها أحد ، أمام مسؤولية كبيرة لا تستطيع تحملها أو فقر لا تستطيع ان تصبر عليه و ........،
واذا واجهت مشاكل لا تستطيع حلها ، بعد أن تخيلت أن الحياة الزوجية سهلة لا يشوبها شيء ، فرح و سرور
و هناء طيلة الوقت رغبات تلبى و فسح واستجمام و أكل بذخ و.........فتتمنى لو أنها ما زالت في بيت
أبيها .
فتعود بها الذاكرة الى الوراء ، أي من يوم خطبتها ، فتجد من دلتها على صائغي له من الحلي ما يلبي
رغبتها ، وأخرى تدلها على خياطة ماهرة ، و أخرى تدلها على حلاقة متمكنة ، و أخرى تنصحها و تقول
اشترطي على زوجك بيت مستقل ، و غرفة فاخرة ذات صناعة غير محلية ، ........و زين لها الأمر
فأصبح الزواج بالنسبة لها ضرب من الخيال ، و لكن لم تجد في ذاكرتها من تنصحها كيف هي الحياة
الزوجية ، كيف ترضي زوجها ، ما هي حقوق الزوجية ، كيف تكونين زوجة صالحة ، كيف تكونين أما
مثالية ، و الأم غائبة عن ذلك كله ووو..........؟؟؟؟؟ و الله المستعان .
ففكرت فيك أختي العروس بهذه النصيحة الغالية من أم ناصحة نصحت بها البنت العاقلة ، اقرئيها و
تدبريها و اعتبري منها و طبقيها و ستجدي فيها فائدة باذن الله تعالى .
هناك مثل عربي يقول " ما و راءك يا عاصم " أورده ابو الفضل النيسابوري في كتابه " مجمع الأمثال " فقال :
ما ورائك يا عاصم ؟ قال المفضل أول من قال ذلك الحارث بن عمرو ملك كندة و ذلك لما بلغه جمال ابنة
عوف بن ملحم الشيباني و كمالها و قوة عقلها ، دعا امرأة من كندة يقال لها عاصم ذات عقل و لسان و أدب
و بيان و قال لها : اذهبي حتى تعلمي لي علم ابنة عوف ، فمضت حتى انتهت الى أمها ، و هي أمامة بنت
الحارث ، فأعلمتها ما قدمت له : ............( فرأتها ووصفتها للملك أدق الوصف فأعجب بها ) ....و
أرسل الى أبيها فخطبها فزوجها اياه و بعث بصداقها ، فجهزت فلما أرادوا أن يحملوها الى زوجها ، قالت لها
أمها :
" أي بنية ان الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك ، و لكنها تذكرة للغافل ، و معونة للعاقل ، و لو
أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها و شدة حاجتهما اليها كنت أغنى الناس عنه ، و لكن النساء
للرجال خلقن و لهن خلق الرجال ، أي بنية انك فارقت الجو الذي منه خرجت ، و خلفت العش الذي فيه درجت
الى وكر لم تعرفيه ، و قرين لم تألفيه ، فأصبح بملكه عليه رقيبا و مليكا ، فكوني له أمة يكن لك عبدا وشيكا
، يا بنية احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرا و ذكرا :
الصحبة بالقناعة، و المعاشرة بحسن السمع و الطاعة ، و التعهد لموقع عينه ، و التفقد لموضع أنفه ، فلا
تقع عينيه منك على قبيح ، ولا يشم منك الا أطيب ريح ، و الكحل أحسن الحسن ، و الماء أطيب الطيب
المفقود ، و التعهد لوقت طعامه ، و الهدوء عند منامه ، فان حرارة الجوع ملهبة ، و تنغيص النوم مبغضة ،
و الاحتفاظ ببيته و ماله ، و الارعاء على نفسه و حشمه و عياله ، فان الاحتفاظ بالمال حسن التقدير ، و
الارعاء على العيال و الحشم جميل حسن التدبير ، و لا تفشي له سرا ، و لاتعصي له أمرا ، فانك ان أفشيت
سره لم تأمني غدره ، و ان عصيت أمره أوغرت صدره ، ثم اتقي مع ذلك الفرح ان كان ترحا و الاكتئاب عنده
ان كان فرحا ، فان الخصلة الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير ، و كوني أشد ما تكونين له اعظاما يكن
أشد ما يكون لك اكراما ، و أشد ما تكونين له موافقة يكن أطول ما تكونين له مرافقة ، و اعلمي أنك لا تصلين
الى ما تحبين حتى تأثري رضاه على رضاك و هواه على هواك فيما أحببت و كرهت ، و الله يخير لك ،
فحملت فسلمت اليه فعظم موقعها منه وولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا بعده اليمن " انتهى
انظري أختي الغالية الى المرأة الصالحة العاقلة كيف تكون فكوني مثلها تملكي سعادة الدنيا و الآخرة .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته