لقد اجتمع لكلمة الإخلاص (لا إله إلا الله)
فضائل جمة، وثمرات عديدة، ولكثرة فضائلها كثرت أسماؤها، وما ذلك إلا لعظم
ما تحمله تلك الكلمة في طياتها من عمق في المعنى والمدلول، فشأنها عظيم،
ونفعها عميم، وفضائلها يقصر دونها الحصر والعد. غير أن هذه الفضائل لا تنفع
قائلها بمجرد النطق بها فقط، ولا تتحقق إلا لمن قالها مؤمناً بها، عاملاً
بمقتضاها.
وفيما يلي ذكر لبعض ما هو مثبوت في كتب أهل العلم في فضل تلك الكلمة، وبيان أهميتها.
1_أنها
أعظم نعمة أنعم الله بها_عز وجل_على عباده؛ حيث هداهم إليها؛ ولهذا ذكرها
في سورة النحل، التي هي سورة النِّعم، فقدمها على كل نعمة فقال:]يُنَزِّلُ
الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ
عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ] (النحل:2) .
2_وهي العروة الوثقى:reen]فَمَنْ
يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] (البقرة:256) . قاله سعيد بن جبير والضحاك.
3_وهي العهد الذي ذكره الله_عز وجل_إذ يقول:]لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً] (مريم:87) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: العهد شهادة أن لا إله إلا الله، ويبرأ إلى الله من الحول والقوة إلا بالله، ولا يرجو إلا الله عز وجل .
4_وهي الحسنى التي ذكرها الله في قوله:]فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى] (الليل:5_7) . قاله أبو عبدالرحمن السلمي، والضحاك عن ابن عباسرضي الله عنهما .
5_وهي كلمة الحق كما في قوله_تعالى_:]إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ] (الزخرف:86) .
6_وهي كلمة التقوى التي ذكرها الله في قوله:]وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا] (الفتح:26) .
7_وهي القول الثابت، قال_تعالى_:]يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ] (إبراهيم:27) .
8_وهي الكلمة الطيبة المضروبة مثلاً في قوله_تعالى_:]أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ]
(إبراهيم:24) . فأصلها ثابت في قلب المؤمن، وفرعها في العمل الصالح صاعدٌ
إلى الله عز وجل. فالكلمة الطيبة هي كلمة الإخلاص والشجرة الطيبة هي
النخلة.
9_وهي سبيل الفوز بالجنة، والنجاة من النار een]فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ](آل عمران:185) . وكما في الحديث المتفق عليه من
شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبدالله ورسوله،
وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة
على ما كان من العمل .
10_أنها سبب مانع للخلود في النار لمن استحق دخولها؛ كما في حديث الشفاعة أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه مثقال ذرة من إيمان .
فأهل لا إله إلا الله وإن دخلوها بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لابد أن يخرجوا منها كما في الصحيحين: يخرج
من النار من قال:لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من
النار من قال:لا إله إلا الله وفي قلبه وزن بُرَّةٍ من خير، ويخرج من النار
من قال:لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذَرَّة من خير .
11_أن من قالها يبتغي بذلك وجه الله_فإن الله يحرمه على النار، كما في حديث عتبان المتفق عليه فإن الله قد حرم على النار من قال:لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله .
12_ولأجلها خلقت الجن والإنس:قال الله_عز وجل_:]وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ] (الذاريات:56) .
13_وهي سبيل السعادة في الدارين:قال الله عز وجل:]الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ] (الأنعام:82) .
14_وهي أول واجب على المكلف:قال": أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .
15_وهي آخر واجب على المكلف:فمن كانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة كما جاء في حديث معاذ من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة.
16_وهي التي لأجلها أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب ]وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ] (الأنبياء:25) .
17_وهي مفتاح دعوة الرسل:فالرسل_عليهم السلام_دعوا إليها جميعاً، فكلهم يقول لقومهolor=darkolivegreen]اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ] (الأعراف:73) .
18_وهي
أفضل الحسنات:قال أبو ذرقلت يا رسول الله:علمني عملاً يقربني من الجنة
ويباعدني من النار قال:إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها .
قال:قلت يا رسول الله:أمِنَ الحسنات لا إله إلا الله ؟.
قال: هي أفضل الحسنات .
19_وهي الحسنة:قال الله تعالى ]مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا] (الأنعام:160) ؛ إذ هي أفضل الحسنات كما مر.
20_وهي أفضل ما ذكر الله به_عز وجل:كما قال النبي : "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له .