السؤال: كيف يمكنني استغلال شهر رمضان في أيام الحيض؟
الجواب:
الحمد لله، أما بعد:
فالحائض تمتنع فقط عن الصلاة والصيام، وأما غير ذلك فلا، فأبواب الخير والبر كثيرة جدًّا؛ منها مثلاً:
حثُّ الزوج والأبناء على استغلال رمضان، وإعانتهم على ذلك، ومن سبل الإعانة مثلاً: تذكيرهم بقراءة القرآن، وعِظَم أجره، حثُّهم على الصلوات والنوافل، منعهم بأسلوب حسنٍ ورقيق من كسب الذنوب بمشاهدة التلفاز، ومنعهم كذلك من إضاعة الأوقات فيما لا نفع فيه؛ كالإنترنت، والألعاب.
ومن أبواب الخير: الصدقة والإحسان إلى الناس.
وأيضًا: المحافظة على ذكر الله - تعالى - فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله))، وهذا أحسن ما يكون؛ حيث يمكن من أداء أعمالك المنزلية مع القيام بهذه العبادة.
وأيضًا: قراءة القرآن وحفظه دون مسِّه مباشرةً؛ بل بحائل. قال الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى: "مسألة الحائض والنفساء هل تقرآن أم لا تقرآن؟ في ذلك خلافٌ بين أهل العلم, منهم من قال: لا تقرآن وألحقهما بالجنب.
والقول الثاني: أنهما تُقرآن عن ظهر قلبٍ دون مسِّ المصحف؛ لأن مدة الحيض والنفاس تطول وليستا كالجنب؛ لأن الجنب يستطيع أن يغتسل في الحال ويقرأ, أما الحائض والنفساء فلا تستطيعان ذلك إلا بعد طهرهما, فلا يصح قياسهما على الجنب لما تقدم.
فالصواب: أنه لا مانع من قراءتهما عن ظهر قلب, هذا هو الأرجح؛ لأنه ليس في الأدلة ما يمنع ذلك؛ بل فيها ما يدل على ذلك.
فقد ثبت في (الصحيحين) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعائشة لما حاضت في الحج: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري))، والحاج يقرأ القرآن، ولم يستثنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فدلَّ ذلك على جواز القراءة لها, وهكذا قال لأسماء بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر في الميقات في حجة الوداع.
فهذا يدلُّ على أن الحائض والنفساء لهما قراءة القرآن لكن من غير مس المصحف, وأما حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن)) فهو حديث ضعيف, في إسناده إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة.
وأهل العلم بالحديث يُضعِّفون رواية إسماعيل عن الحجازيين، ويقولون: إنه جيِّدٌ في روايته عن أهل الشام أهل بلاده, لكنه ضعيفٌ في روايته عن أهل الحجاز, وهذا الحديثُ من روايته عن أهل الحجاز فهو ضعيف. (فتاوى ابن باز) (الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 384).
وأيضًا من أبواب الخير التي تستطيع الحائض فعله: إفطار الصائمين والإحسان إلى المساكين، بأن تُعِدَّ الفُطور لهم وثم ترسله مع أحد محارمها.
وطرق الخير كثيرةٌ ومتعددةٌ، ولن تعدم طرقًا ووسائل أخر.
والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول للافائده