أحاديث صحيحة في حفظ اللسان من البهتان والنميمة
.
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يارسول الله! أي المسلمين أفضل؟ قال:«من سلم المسلمون من لسانه ويده»، أخرجه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة على وقتها» قلت: ثم ماذا يا رسول الله؟ قال: «أن يسلم الناسُ من لسانك»رواه الطبراني وصححه العلامة المحدث محمد ناصر الألباني رحمه الله تعالى في الترغيب والترهيب.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ما النجاة؟ قال: «أملك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك» رواه الترمذي وصححه العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى.
وعن الحارث بن هشام رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرني بأمر أعتصم به؛ فقال: رسول الله: «أملك هذا وأشار إلى
لسانه» رواه الطبراني وصححه الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.
فإياك أخي المسلم أن ترخي الوكاء للسانك السليط فتتكلم في أعراض المسلمين بالكذب والظنون وأخبار المكذوبة فتهلك، وتقع في حمأة الرّدى فتندك عنقك وأنت لا تدري، ولا تُصغي لكل ناعق خوان استلذ لوك أعراض المسلمين وطلبة العلم بالباطل؛ فإن الأصل في عرض المسلم الحرمة، لحديث أبي هريرة في صحيح مسلم: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله)، ولا نخرج عن هذا الأصل إلا لأمر واجب قد بينه أهل الحديث في مصنفاتهم الأمينة.
قال أبو حاتم في روضة العقلاء (ص62): (فالواجب على العاقل أن يروض نفسه على ترك ما أبيح له من النطق لئلا يقع في المزجورات، فيكون حتفه فيما يخرج منه، لأن الكلام إذا كثر منه أورث صاحبه التلذذ بضد الطاعات، فإذا لم يوفق العبد لاستعمال اللسان فيما يجدي عليه نفعه في الآخرة، كان وجود الإمساك عن السوء أولى به وأنشدني المنتصر بن بلال الأنصاري:
ولن يهلك الإنسان إلا إذا أتى***من الأمر ما لم يرضه نصحاؤه
وأقلل إذا ما قلت قولا فإنــّــه***إذا قول المرء قـلّ خــطؤه)اهـ.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة رجل لا يأمن جارُه بوائقه) رواه أحمد وصححه العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى.
وإذا رأيتم يا عباد الله الصادقين الرجل أو المرأة يتكلمان في عرض مسلم أو شيخ من مشايخ أهل الحديث بالباطل فاعلموا أن في قلبيهما اعوجاج، وإيمانهما فيه انحراف ونقص، وهما على منهج ابن أبي قتيلة والعياذ بالله تعالى.
فعن أبي وائل عن عبد الله: أنّه ارتقى الصفا فأخذ بلسانه فقال: يا لسان قل خيرا تغنم، واسكت عن شر تسلم، من قبل أن تندم، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أكثر خطايا ابن آدم في لسانه).
فاحذر يا من سلكت منهج أهل الحديث من لسانك فهو مصدر الهلاك إن لم تضبطه بشرع ربّ الأملاك، وتجنب التفكه بأعراض السلفيين خصوصا وبالمسلمين عموما في المجالس العامة والخاصة، ولا تتأسى ببعض كتاب الشبكات العنكبوتية، فإن قلوبهم مريضةٌ بالحقد على أهل السنة، وعفنة بالحسد وإضمار السوء لهم، وملوثة بفحيح بعض الدعاة الذين وإن كان من أهل السنة إلا أنه تنقصهم التقوى في حق نظرائهم من الدعاة، وتعوذ بالله من شرهم، وشرّ المناخ الذي هم مكببون فيه على وجوههم واقرأ قوله تعالى ﴿ومن شرّ حاسد إذ حسد﴾، وهذا الصنف من البشر يحتاج إلى دعاء الصالحين فهو في بلاء وخيم، وورطة عظمى فاحمد الله تعالى يا صاحب الفطرة السليمة على السلامة والعافية من الأدواء.
وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق) رواه أبو داود وصححه العلامة محمد ناصر الألباني رحمه الله تعالى.
قد يقول القائل متحمس أنا أتكلم لمصلحة الدين؛ وأسجل الأشرطة للذب عن حياضه من تلبيسات المحتالين!!، ونحذر من الذين عليهم بعض الملاحظات!! وإن كانوا من كبار المشايخ.
نقول له جدلا لا بأس يا هذا، ولكن قبل أن تتكلم وتثير الفتن، وتسأل بعض المشايخ الذين تثق فيهم عن إخوانهم أهل الحديث حرصا على المسلمين من الضياع والهلكة!، اعرف الشريعة جيدا من مصادرها الأمينة، وامكث في دراستها السنوات ذوات العدد، وزاحم العلماء بالركب، وتطهر من أمراض القلوب كالحسد، واتصف بالورع والزهد، وشارك المسلمين في خير حتى تعرف به في المجتمع، وتشتهر بطلب العلم والاستقامة، فالإمام البخاري ومسلم وأحمد، وأبوداود، وأبوحاتم، ....وابن تيمية، وابن قيم،......والشيخ ابن إبراهيم، والشيخ ابن باز، والشيخ الألباني، والشيخ ربيع و...و.... مِن مشايخ أهل السنة لم يتكلموا لمصلحة الدين حتى عرفوا الدين أولا، وعرفوا أصوله وفروعه وما يصلح له.
فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج ممّا قال) رواه الإمام أبو داود وصححه العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى.
وردغة الخبال: عصارة أهل النار والعياذ بالله من حرّ جهنم.
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه مرّ على بغل ميت فقال لبعض أصحابه: (لأن يأكل من هذا حتى يملأ بطنه، خير له من أن يأكل لحم رجل مسلم) رواه أبو الشيخ موقوفا وصححه العلامة المحدث الألباني رحمه الله.
لقد غلا لحم البغال والحمير في الأسواق الصينية، ورخص عرض المسلم عند بعض المسلمين والعياذ بالله من سخطه، فنجد المسلم يطلق على أخيه خبيث، وزنديق، وذباب، وحمار، وقاتله الله، وأهلكه الله، كلمات يستحي المرء من أن يقولها بينه وبين نفسه والله والمستعان، وآخر يلهث ليلا ونهارا، ويسافر من مقاطعة إلى مقاطعة ليوقع بين المشايخ بالتدليسات، ويجعل صنيعه هذا من أعظم القربات، والعجيب أن هذا الصنف قد يجد أحيانا آذن بعد الدعاة صاغية فيبث من خلالها شرارة الخلاف بين الشباب والعياذ بالله، فليحذر المشايخ من الذي تطيش يده في صفحة، ومن المدفوع من الشيطان ليستحل به عرض المسلم.
ثم لو سألت المتفوهين بتلك العبارات الوقحة عن الذنب الذي وقع فيه هذا المخالف حتى استحق هذه الحوالق القاتلة فإنه يحار في الجواب، بل بعضهم لا يعرف المتكلم فيه مع ذلك يرميه بعبارات يتزلزل منها جبل أحد، وإذا ناقشه منصف عاقل طأطأ رأسه وأحيانا يهرب، والأخرى يقول: المهم المشاركة فقط، وبعضهم همه ترديد العبارات ولا يسأل عن معانيها، وبعضهم يقول: قيل، وقيل!! وهي من صيغ التمريض، فهذا حالنا بين قيل، وروي، وبلغني، و..و..، والضحية الكبرى هتك عرض المسلم السلفي، مع شماتة الحزبين والتكفريين فيه.
اللهم مكنّا من حفظ ألسنتنا، ووفقنا للكلام في المخالف بالحق الساطع والخبر الثابت، وجنبنا الكذابين، وأصحاب قيل وقال وروي وكل مدلس مغير للحقائق، وكل مدسوس في صف المسلمين.
والحمد لله رب العالمين، وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم